07-20-2013
|
|
مصيدة مزدوجة للجيش المصري مصيدة مزدوجة للجيش المصري بقلم : حماد صبح
قام الجيش المصري بالدور الأكبر في الأحداث المصرية التي بدأت في 25 يناير 2011 ، فأسهم في تنحية مبارك ، وحكم البلاد من خلال المجلس العسكري حتى انتخاب مرسي رئيسا في 2012 . وعاد هذا الدور للظهور بقوة من جديد بالانقلاب على مرسي . كبر دور الجيش المصري في الحياة السياسية المصرية أكبر شاهد صارخ على انهيار تلك الحياة ساسة وأحزابا ونظما دستورية وإدارية . والمديح المغدق على الجيش من بعض الساسة والعسكريين والإعلاميين وبسطاء الناس لن يخفي هذه الحقيقة الأليمة . الجيوش في الدول السليمة البناء السوية الأداء ليس لها دور في الحياة السياسية ولا حتى في الأمن الداخلي . السياسة لها الساسة والأحزاب ، والأمن الداخلي له الشرطة وما يقاربها من الأجهزة الأمنية التي تدير قضايا الحياة الداخلية أمنيا . الجيش يبنى لمواجهة الخطر الآتي من وراء الحدود . وأي التفات للداخل أو انشغال بقضاياه ومشكلاته يضعف قدرة الجيش على مراقبة ذلك الخطر وصده بكفاءة حال وقوعه . والتمادي في ذلك الالتفات والانشغال يقضي على تلك القدرة ، ويزيد من ناحية ثانية في انهيار الحياة السياسية . نحن في هذه الناحية أمام سياسيين " مسلحين " يفرضون ما يريدونه بقوة السلاح لا بقوة الرأي أو صلاحية الفكرة السياسية أو المشروع السياسي . ولعلنا لم نتفاجأ من خبر احتمالية ترشح السيسي للانتخابات الرئاسية القادمة في مصر ، ونفي المتحدث العسكري بعد ذلك للخبر يؤكده أكثر مما ينفيه ، وفي أفضل حالة لقيمة ذلك النفي أنه يوحي بإدراك لخطأ التسرع في الإعلان عن تلك الاحتمالية ، وما لذلك من إشارات قد تفسر أحد دواعي الانقلاب على شرعية مرسي . انشغال الجيش المصري بالسياسة الداخلية ومشاكلها ومطامحها الشخصية جزء من مصيدة معدة غربيا وإسرائيليا في مسيرة القضاء على الجيوش العربية واحدا بعد الآخر . قضي حتى الآن على الجيش العراقي والجيش الليبي ، والجيش السوري يخوض حربا مهلكة من عامين ونصف ضد المسلحين من كل بقاع العالم بدعم غربي إسرائيلي خليجي واسع ومتنوع ، ووصل الدور على الجيش المصري . وكل جيش يقضى عليه بطريقة تلائم ظروفه المحلية والعالمية . والطريقة التي رئي أنها تلائم الجيش المصري أخذت شكل مصيدة مزدوجة تجمع بين البعد السياسي والبعد العسكري : في البعد السياسي : الانشغال بالسياسة الداخلية وما لذلك الانشغال من توابع مدمرة له كمنظومة عسكرية ، وللبلاد سياسة وإدارة ووحدة وطنية . والبعد الثاني من المصيدة : استدراجه إلى حرب عصابات في متاهات سيناء الشاسعة . وحرب العصابات وسيلة شهيرة فعالة في إجهاد الجيوش النظامية وإضعافها ، وأقوى الجيوش تتهيبها وتتهرب منها ، وتزيد مشكلاتها وتعقيداتها وخساراتها حين تكون بين أبناء البلد الواحد . إسرائيل ليست كريمة حين تأذن للجيش لمصري بإدخال مزيد من القوات لمحاربة الجماعات المسلحة في سيناء . إنها لا تخدم سوى مخططها المشترك مع الغرب في التخلص من الجيوش العربية بلا تكلفة من جانبها ومن جانب الغرب . ونظرة إلى ما يصدر عن الجيش المصري من آراء وبيانات حول مهمته العسكرية في سيناء ؛ ترينا أنه _ للصدمة _ يستدرج إلى هذا البعد من المصيدة محجوب العينين . ننظر في الآتي : أولا : نسمع من الجيش حديثا عن " ساعة الصفر " لبدء " الهجوم " على المسلحين في سيناء ! لغة جيش نظامي يوشك أن يهاجم جيشا نظاميا آخر ، وهي لغة توحي بعدم إدراك صعوبة المهمة . لا ساعة صفر في حرب العصابات . وتنكشف العقلية العسكرية " النظامية " التي يتعامل بها الجيش مع مسلحي سيناء أيضا في مقارنة اللواء طلعت موسى المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية بين حرب أكتوبر 1973 والمهمة العسكرية الحالية في سيناء ، وأنه يتوقع أن يبشر الشعب المصري وشيكا بنصر على المسلحين شبيه بالنصر النسبي في تلك الحرب . و" النسبي " من عندنا . حروب العصابات مفاجآتها كثيرة وغالبا ما تخالف تطوراتها حسابات قادة الجيوش النظامية المبدئية ، وحتى لو قضي على العناصر المسلحة في مرحلة ما من الحرب فإنها لا تلبث أن تظهر عناصر جديدة أشرس من العناصر السابقة وأشد إصرارا على مواصلة الصراع ما لم يقض على البواعث الأصلية لظهور العناصر السابقة التي قد تكون وطنية في مواجهة الجيش الأجنبي أو سياسية واجتماعية واقتصادية في مواجهة الجيش المحلي . ثانيا : هناك تجاهل يكاد يكون تاما للخلفيات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي أنتجت الجماعات المسلحة في سيناء ، ويركز بمبالغة على بعدها الديني ، والأسوأ من كل تلك الصنوف من التجاهل الحديث عن دور حماس وغزة في أحداث سيناء ، والكلام هنا لا حد له ، ونجتزىء منه بالقول إن مخادعة النفس حول البواعث الداخلية لما يجري في سيناء ونسبتها إلى حماس وغزة لن ينفع في مواجهته . المشكلات تحل بمواجهة أسبابها الحقيقية لا باختلاق أسباب خارجية بعيدة . الجيش المصري في حاجة لصحوة كبيرة تقيه عاقبة الاندفاع نحو المصيدة المزدوجة المعدة له ، وخلق الصحوة مهمة القوى الوطنية في مصر والعالم العربي ، وهذا باعث ما كتبت .
lwd]m l.],[m gg[da hglwvd |